يمكن تلخيص حركة الحق في صراعه مع الباطل عبر التاريخ بأنها عملية إسقاط متوالي ومستمر لأقنعة الباطل..
كان الباطل كامن في نفس إبليس قبل أن يؤمر بالسجود لآدم.. فسقط قناع العبادة عنه ولاح وجه الكبر عليه ورفض السجود.. لكنه استخدم قناع آخر هو قناع (الخيرية) فقال: (أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ ..)، فلعنه الله سبحانه .. فسقط قناع الخيرية أيضا حين أقسم أن يصد ذرية آدم عن صراط الله حتى لو كان هو الصراط المستقيم: (..لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ).
كانت قريش تعبد الأصنام تحت ستار التقرب إلى الله: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ).. فظهرت لهم النبوة من عند الله مطالبة لهم بعبادة الله مباشرة.. فسقط قناع التقرب إلى الله وظهرت حقيقة عبادتهم لأسلافهم فتسخطوا على النبوة قائلين: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ۖ ).
كان نظام مبارك يستر حكم العسكر.. فثار الناس على مبارك بمباركة اضطرارية من العسكر.. وما لبث بعذ ذلك أن انقلب على مطلب العيش الكريم للناس فأطل بوجه هو أقبح من مبارك .. فكانت مذبحة رابعة والنهضة وتوابعها من عربدة القضاء والإعلام وإهدار أبسط الحقوق والقيم.
وذلك الاحتشاد الذي يحتشده الغربيون وأذنابهم ضد عملية شارلي إيبيدو، إنه احتشاد وفزعة يتجاوزان بحجمهما مقولة الدفاع عن حرية الرأي إلى مقولة أخرى أو روح أخرى تم استدعائها عبر التاريخ الأوروبي لتطل بوجهها وتظلل بأجنحتها مليونية باريس صارخة: (لن نسمح لـ (محمد) أن تطأ أقدامه الأراضي الغربية مرة أخرى عبر مؤمنين به مقاتلين من أجله)، نحن نسمع ذلك الصوت جيدا.. ويتأكد فينا إزاءه ذلك الالتزام الذي قطعناه على أنفسنا بأن نبذل كل جهدنا لنكون استمرارا جيدا مشرفا للبعثة المحمدية.. وأن نقاتل أعداء الملة حتى يكون الدين كله لله.
هذا هو (المستور) الذي كشفته ممارسة صراعية بسيطة بين أهل الحق وأهل الباطل.. تلك الممارسة التي كان ميدانها صحيفة شارلي إيبيدو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق